وربما يتصور البعض منذ الوهلة الأولى - وهو يطالع هذا الكتاب - أننا نبتعد بشكل أو بأخر عن البعد التربوي الذي هو أساس هذا الكتاب، لكن الحاصل أنه لا يمكن أن تقيم فلسفة أي نظام تربوي، إلا بالوقوف على كنه المجتمع الحاضن له، وليس هناك أفضل من التعرض للأسس التي قامت عليها نهضة المحتمع الياباني، كمحك يمكن في ضوئه استجلاء فلسفة هذا النظام تصريحا أو تعريضا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالنظم التعليمية - على إختلاف مشاريها - ما هي إلا إنعكاس لفلسفة نظامه التربوي، الأمر الذي يجعلك تحكم بجودة هذا النظام التربوي أو بضعفه في ضوء هذا الواقع.
والمجتمع الياباني وإن كان قد فتن به الشرق والغرب، المتقدم منه والنامي، فعملية تفكيكه ونقله من موطنه الأصلي - منزوعا من سياقه الإجتماعي والإيديولوجي والتاريخي - يعد جناية على النموذج، وفي هذا السياق يقول (بيير بوردو) نقلا عن (ماركس):<<إن الأفكار عندما تهاجر من موطنها تفقد جزءاً من كيانها>>. وإذا كانت الشعوب والمجتمعات تتشابه في مراحل نموها بالكائن الحي، فإن اليابان هي الأخري يمكن القول إنها مرت - ولاتزال - بتلك المراحل، فإن جاز لنا أن نشبهها بالنباتات التاريخية فإنها تمر بمراحل ثلاث كبرى: مرحلة البذور، مرحلة الجذور، مرحلة الثمر، ثم يكون الخريف الدائم الذي يعقبه إندثار أبدي، أو إعادة بعث في ثوب جديد.
كتاب التربية اليابانية تأليف صلاح صالح معمار و زكريا محمد هيبة، صادر عن الدار العربية العلوم ناشرون سنة 2016، عدد صفحات الكتاب 160، وسعره $10.80
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire